عدد الرسائل : 485 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 15/03/2007
موضوع: غنت في المسجد... لم تغن؟!! السبت مايو 19, 2007 10:07 am
غنت في المسجد... لم تغن؟!!
ليست غريبة هي هذه الهجمة العنيفة على الفن بشكل عام والغناء بشكل خاص التي نشهدها هذه الأيام، في زمن باتت لغة العنف هي السائدة، والتطرف يقبض بيد حديدية على العالم، يخنق كل شيء جميل ويجرب تشويهه بإسم الدين. لم أكن لإستغرب قيامة "القيامة" لدى الفنانات المعتزلات وشبه المعتزلات، والشيوخ، ومجالس البرلمانات، لو كانت هذه القيامة موجهة ضد فرفورة من فرافير اليوم المقحمات على الفن، ممن يشوهن صورة الفن والفنانين بإباحية "الكليب" المستترة. ولكن أن توجه هذه الهجمة تجاه أنغام الفنانة المحترمة صوتاً وحضوراً، بهذه العشوائية، وبدون أي دليل، على الرغم من كل التأكيدات الرسمية، وغير الرسمية بأنها "لم تصور داخل المسجد" وبأنها "لم تكن ترتدي ملابس غير محتشمة"، وكلنا يعرف أنغام منذ أن بدأت الغناء طفلة، لم تكن يوماً "غير محتشمة" إن كان في فنها أو لباسها. ولكن "فناناتنا المعتزلات" يبدو أنهن حجبن عقولهن مع أجسادهن وأنطلقن ينهشن كالغربان، زميلة عرفت بفنها النظيف، وسيرتها الشخصية التي ربما تكون أنظف بكثير من سيرة بعض هاته المعتزلات قبل أن يهبط عليهن "وحي الإيمان الصاعق" من السماء، ويعلن الإعتزال والتوبة ويلبسن ثوب التقوى بعد أن وصلن الى "سن اليأس الفني" وبدأت الجماهير تعزف عنهن. وأسال الفنانات المعتزلات كم فيلماً مصرياً على أيامكن صور داخل مسجد، وكم منها كان فيه مشاهد عري ورقص وخلافه ... بجانب مشاهد الإيمان والتعبد والتوبة؟ لماذا لم تقم يومها القيامة التي قامت على أنغام اليوم؟ هل الهجمة تستهدف الغناء تحديداً؟ أم أن هناك محرك خفي وراء ما يحدث.. ومن هو؟ والسؤال الأكثر بؤساً ومرارة : لماذا تجيش الجيوش وتقوم الأمة قومة رجل واحد لأمر ثانوي كهذا، في وقت تسكت فيه الأفواه عن العرض المستباح، والكرامة المهدورة، على كل الجبهات وبمختلف الأشكال من المحيط الى الخليج. هل هو إستقواء الضعيف على من هو أضعف منه؟ هل وصل بنا العجز عن مواجهة مغتصبينا الحقيقيين من حكام، وساسة، وقوى عظمى، الى توجيه الحقد والغل تجاه بعضنا البعض؟ الى متى تبقى عقولنا مغيبة، وعواطفنا الجياشة العمياء... هي التي تقود تحركاتنا، فنصبح كالقطيع الهائج يسير على عماه حتى لو كان الى التهلكة؟ أين هذا الشيخ الذي إنتفض ضد كليب وقاد حملة شعواء ضد أنغام من التقارير التي تتحدث عن رجال يتزوجون بفتيات قصر بعمر العاشرة ودون، وبعضهم قد وصل به العمر الى المائة؟ لماذا لا ينتفض الشيوخ على الممارسات الإجتماعية الجائرة والوحشية ضد النساء كـ "الختان" مثلاً الذي مورس منذ قرون ولايزال ، ولم نسمع الا بعض الفتاوى الخجلة التي تحرمه مؤخراًـ دون أن يشن هؤلاء الشيوخ الأجلاء حملات شعواء مماثلة تأتي ثمارها وتضع حداً لهذه الممارسة البشعة. ماذا عن زواج المتعة والمسيار والفريند وغيره من المسميات التي تشرع الدعارة والإتجار بالنساء وإستغلالهن جنسياً "تحت ستار الدين"، والذي تنتج عنه مآس إجتماعية لا عد لها ولا حصر، أولها إنكار النسب وسهولة تملص الرجل من الإعتراف بحقوق النساء ... لماذا لا يثور هؤلاء الشيوخ على ما سبق بنفس القوة التي يثورون فيها اليوم ضد أغنية أو كليب؟ ولماذا أَضحت موضة العصر أن تكون الفنانات الشغل الشاغل للبرلمانات والمشايخ العربية، وكأن مجتمعاتنا يوتوبيا كاملة خالية من المشاكل والهموم، من الفقر، والجهل، واستغلال الاطفال، والتشرد، والجوع، والبطالة الخ.. ولا يهددها سوى الغناء والكليب؟ إيها مدمر لمجتمعنا أكثر أغنيات أنغام، أو آمال ماهر، أو أم كلثوم، أو شادية أم التخلف الإجتماعي الذي يتستر بالدين ويأخذه غطاءاً ليعيث فساداً بالمجتمع. أين دور الشيوخ في التوعية الإجتماعية الحقة التي تسهم في نهضة الأمة من غياهب الجهل والتخلف والإرث الإجتماعي الريفي والقبلي والعشائري البغيض في بعض جوانبه؟ متى سيعود العقل ليسيطر على ردود الفعل، وتتغلب الحكمة على الحمق؟ ويصبح للفرد الحق في العمل والإبداع دون أن تخنقه يد التعصب العمياء، وتقتل كل شيء جميل من حولنا. كم من الوقت قبل أن يسير العالم الى التهلكة بإسم الدين والدين براء من كل ما يقترفون؟